اللغة كأداة

Publication dateCategoryoReading time2 min read
مؤخرًا عاتبني أحدهم لعدم استخدامي العربية في كتابة تغريداتي وتدويناتي. واستطرد باتهامي بالتناقض وكره الذات. سلمت لادعاته جدلاً وقلت له: "ثم ماذا؟".

لم أتكلف بالتبرير أو بتبرئة نفسي له، بل تعاطفت معه. أتفهم شعوره كليًا؛ قبل سنوات كنت من أولئك اللذين يدافعون عن اللغة العربية (الفصحى) بغلو، فهي حقيقة أحد دوافع انضمامي لويكيبيديا العربية. مرحلة وصلت أوجها حين جاهدت ساعياً في تعريب أي مصطلح أجنبي "يلوث" العربية.

تغير منظوري كليًا عن اللغة، اتضح لي أنها أداة للتواصل أكثر من كونها أداة للتفاخر (وليس من المعيب أبدًا أن يفخر أي شخص بلغته). عندما نستخدم الإنجليزية -أو أي لغة- فذلك لا يقتضي بالضرورة حبنا لها أو ازدراءنا من هويتنا. عندما نستخدم الإنجليزية، فذلك لأنها أداة فعالة يجيدها معظم سكان الأرض. نعم، من الناس من يستخدم اللغة تملقًا، أو تمقتًا من هويته، وهم في ذلك أحرار، ولكن من السخف تعميم ذلك على الجميع.

لو افترضنا بأن الجميع يسعى لتوصيل رسالة تخدم أهدافه؛ أي عندما نستخدم اللغة من منظور باراغماتي بحت، نضع عواطفنا القومية جانبًا ونسأل: "كيف توصل رسالتك بشكل واضح ومفهوم لجمهور معين؟". أبسط مثال على ذلك إعلانات "هنقرستيشن" المنتشرة حول المدن الخليجية: لكل مدينة إعلان يناسب لهجتها المحلية، لأنها الأقرب لقلب المستمع.

العربية الفصحى كأداة باراغماتية - لمن يتقنها - معبرة، فصيحة، شاعرية. تمنح كاتبها شعور العظمة، ويستلذ بها قارئها. مستفردة بذلك، لا ند لها من بقية اللغات. ولكن لكل عقل خطاب، ولكل مقام مقال ولكل حادث حديث.